التفكير السلبي



ما هو الاعتقاد؟ هو أمر نقبله كحقيقة. لكن الواقع يختلف عن الاعتقاد في أحيان كثيرة. في زمن مضى، كان لدى معظم الناس اعتقاد بأن الأرض منبسطة و مسطحة، و بعض الناس كان لديهم اعتقاد بأن الأرض مركز الكون.
لنستعرض بعضا من عالم الاعتقادات ، ربما سنجد حينها طريقة لاكتشاف الاعتقادات الزائفة التي تثبطنا، و نعمل تعديلها. و ربما يمكن بناء منظومة اعتقادية مساعدة و التي تشعرنا بالتحرر الانفعالي.
هل يمكن أن يرى شخصان الأمور بشكل مختلف؟ لأننا لا نتشارك دوما الاعتقادات نفسها، يمكن أن يكون واقع شخص عن وضع ما مختلفا عن واقع شخص آخر: فشخص اجتماعي يتحين الفرص لمحادثة آخرين في البقالية ، حتى و لو كانوا غرباء، يفترض بأن الناس مهتمون بإجراء محادثات عرضية. بينما يتظاهر شخص قلق بأنه لم يلاحظ وجود أحد معارفه في البقالية.هذا الشخص يشعر بالتوجس من إمكانية رفضه و يتوقع هذا الرفض.و لكن أي الاعتقادين صحيح؟ ربما من الأفضل أن نطرح السؤال بشكل آخر و هو أي من الاعتقادين يمكن أن يكون أكثر مساعدة و أي منهما يمكن أن يكون أكثر ضرراً؟
رغم أن حالة البقالية واحدة لدى الشخصين، فإن لدى كل منهما منظومة من الاعتقادات عن الاتصال مع الناس في هذه البقالية. و يمكننا القول بثقة نسبية بأن الاعتقادات التي تقود إلى القلق الاجتماعي ضارة أكثر مما هي مفيدة.
نحن نعيش حياتنا بثلاث طرق: معرفية و عاطفية و سلوكية. و هذه المكونات تمتزج مع بعضها، و كل منها يؤثر على الآخر. أي: كيف نفكر ( بم نعتقد) يؤثر على ما نشعر به و كيف نتصرف. و ما نفعله يمكن أن يؤدي إلى تغييرات في تفكيرنا و عواطفنا. كما أن كيفية شعورنا يمكن أن تطلق أفكاراً تناسب ما نشعر به و تمتد إلى الأفعال التي تناسب العواطف و الأفكار. فالتغيرات في أحد المجالات سيؤثر، بدرجة أو بأخرى، على ما يحدث في المجالين الآخرين.
الاعتقادات تصوغ وجهات النظر. و بعض وجهات النظر الخاطئة يمكن أن تدخلنا في مشكلات عاطفية. يفضل بعض المؤلفين تسمية هذه الأفكار الضارة " بغير المنطقية".
كيف نعرف إذا كان اعتقاد ما غير منطقي؟ هذه مسألة مثيرة للجدل.لكني سأختار زاوية للنظر.يكون الاعتقاد لامنطقي إذا كان :
-         يؤثر على إنجاز الأهداف و المصالح البناءة ( فقد نريد أن نكمل دراسة و لكننا نؤجل، لاعتقادنا بأن الدراسة محبطة جدا و لا يمكننا القيام بها.)
-         غير منطقي و غير واقعي في الإطار الذي يحصل فيه. ( كأن يعتقد أحدنا أن المجتمع ضده، فيتوقع أن يُعامل بشكل منتقص.)
-         مبني على افتراضات خاطئة. ( كأن يكون لدى أحدنا ألم في أسفل الظهر، و يعتقد بأن لديه مرض مميت لم يكتشفه الطبيب.)
-         يؤثر على علاقاتنا. ( كأن تعتقد بأن على الآخرين أن يوقروك مهما فعلت، و تطلب ذلك منهم.)
و هناك المزيد من الأشكال الخاصة من التفكير التي تقترح الاعتقاد غبر المنطقي مثل فرط التعميم ( مثل: كل شخص يفكر بأنني كفؤ)،  أو التضخيم ( نجعل من الحبة قبة!) أو المبالغة في الشك ( أي نتوقع من أصدقائنا خيانتنا و نبحث عن أدلة لدعم هذا الاعتقاد، أو نخترع أدلة عندما لا يكون هناك أساس للشك.)
إذا كنا نسير بشكل غير منطقي في طريق إنجاز أهداف ذات معنى و ممكن تحقيقها ، فثمة طرق بديلة للنظر إلى وضع ما يناسب بصورة أفضل الحقائق و الواقع. و إيجاد هذه البدائل و الاعتقاد بها، جزء من الحل.
كيف نتعرف على التفكير غير المنطقي؟ إذا كان اعتقادنا يؤثر على طلب العلاج من مرض مهدد للحياة و لكن قابل للشفاء، فإن هذا الاعتقاد غير منطقي و مؤذي. و لكن ليست كل الاعتقادات اللامنطقية مؤذية. فإذا كنا نعتقد بأن الليمون يشفي من الانفلونزا، رغم أنه لا يوجد دليل علمي على ذلك، فهو اعتقاد لن يسبب الأذى.
لمحاربة نماذج التفكير اللامنطقية المؤذية، علينا أن نتعرف عليها. و لكن كيف نتعرف على اعتقاد لامنطقي نشعر بأنه واقعي و صائب و هو في الحقيقة خاطئ و مؤذ؟
تثير بعض الحالات أنماطا غير منطقية يمكن التعرف عليها.مثلا لدينا امتحان كتابي قريب، و نخشى الفشل، فنعمد إلى التسويف بشكل مفرط كعذر عن تقصير يمكننا تلافيه. الخيار المنطقي الواضح هنا هو الدراسة عوضا عن التأجيل. غير أن التفكير غير المنطقي الذي يخرب المنطق يسود إلى أن يتغير.
و إذا تعمقنا أكثر قليلاً ، و نسأل لم لدينا نموذج الخوف من الفشل، فقد نجد أنه عمليا في كل مرة نتوقع التقصير في معاييرنا، نشعر بالقلق.إن شبح الفشل يهدد صورة الذات و الإحساس بالقيمة. البديل هنا هو أن نفصل الجدارة الذاتية الكلية عن أي أداء فردي خاص.فيمكننا أن نضع درجات لأدائنا و لكن ليس علينا أن نضع الدرجات لشخصيتنا بالكامل.
ثمة طريقة أخرى لتحديد الأفكار غير المنطقية الضارة عن طريق عواقبها.
تغيير منظومة الاعتقادات غير المنطقية:
إذا كانت الاعتقادات غير المنطقية تؤثر سلبا على شعورنا و سلوكنا، فهل نستطيع تقوية اعتقاداتنا المنطقية و عكس التأثير السلبي؟ هذا يعتمد على الاعتقاد.
يصف عالم النفس ألبرت باندورا "الفاعلية الذاتية" باعتباره اعتقادا  يمكنه تنظيم و تنسيق أفكارنا و مشاعرنا و سلوكياتنا، للوصول إلى أهداف ذات معنى.
و مثل معظم الأشياء في الحياة، فإن كيفية تنفيذنا لحل الفاعلية الذاتية هو ما يحدث الفرق. مثلاً، أن نفكر باستخدام الفاعلية الذاتية كواجب منزلي نفسي حيث نعمل على تغيير تفكيرنا بتغيير سلوكنا. و من الممكن أن نختار هدفا بناء، مثل التغلب على التفكير العاجز. و نعمل على تنفيذ اعتقاد الفعالية الذاتية.فقد نظهر لأنفسنا بأننا لسنا عاجزين.مثلاً عندما نعتقد بأننا عاجزون عن الفعل، و نقوم بفعل تال لاعتقاد الفاعلية الذاتية، يغدو لدينا تنافر أو تعارض يجب حله. فإما أن نكون عاجزين كليا أو يمكننا أن نأخذ على عاتقنا القيام بأفعال تصحيحية مساعدة.
التفكير السلبي التفكير السلبي مراجعة من قبل Saeed Ezz Eddin في 1:55:00 م تصنيف: 5

ليست هناك تعليقات